انطلق مصطفى صادق الرافعي من ميدان الشعر، حيث كان يُعتبر أحد الأسماء المرموقة في هذا المجال، إلى عالم النثر والتأليف العلمي، مغامرًا بخطوة جريئة نحو توسيع أفقه الأدبي. هذا الكتاب، الذي نحن بصدده، يمثل نقطة تحول حاسمة في مسيرة الرافعي الأدبية، حيث تجاوز حدود الشعر إلى العمل التاريخي والنقدي العميق. يُثير الإعجاب كيف استطاع الرافعي، وهو لا يزال في الثلاثين من عمره، أن يُنجز عملًا يُعد اليوم أحد أهم المراجع في مجاله، مُظهرًا نضجًا فكريًا وحصافةً عادةً ما تُعزى للشيوخ. هذا الكتاب، الذي يجمع بين العمق التاريخي والدقة النقدية، يُظهر بجلاء مدى إتقان الرافعي لفنون الكتابة وقدرته على التنقيب في أعماق التاريخ وتحليله بأسلوب ينم عن فهم عميق للأدب والثقافة.