هيأت ظروف الجزيرة العربية لظهور الإسلام؛ فكانت كالتي تنتظر مولودها، فما لبث أن انتشر الدين الجديد بسرعة غير متوقعة بعدما عانى نبيه من التضييق والمحاربة. ويتطرق "طه حسين" إلى المراحل التي مرت بها الدعوة الجديدة منذ بزوغها حتى استطاع النبي بناء دولته بالمدينة ونعم المسلمون بالاستقرار في عهده وعهد خليفتيه "أبي بكر" و"عمر". غير أن الأمور ساءت كثيرا بعد ذلك؛ فكانت فتنة مقتل "عثمان" كالشرارة التي أحرقت الأخضر واليابس. وما يميز "طه حسين" أنه لا يكتفي بالعرض فقط، وإنما يحلل الأحداث الكبرى ولا سيما الفتن والثورات، بحيث يخلع عليها أسبابا تبدو منطقية من وجهة نظره؛ فعزا ثورتي "الزنج" و"القرامطة" (اللتين كادتا أن تعصفاً بالدولة) لأسباب اجتماعية واقتصادية خطيرة. إن الكتاب رؤية تحليلية ناقدة، يستحق القراءة والتأمل لما به من آراء.