بين أجيالنا الأدبية المعاصرة شيء من الجفوة طال عليه الزمان، وكثر فيه القول حينًا وكاد ينتهي إلى شيء من القطيعة بين الشباب والشيوخ من الأدباء. يشكو الشباب من أن شيوخ الأدباء لا يحفلون بهم، ولا يلتفتون إليهم، ولا يمهدون لهم طرق النجح، ولا يعرفونهم إلى القرَّاء، كأنهم يؤثرون أنفسهم بما أتيح لهم من ارتفاع المنزلة وبُعْد الصوت. ويشكو الشيوخ من الشباب أنهم يُكبرون أنفسهم ويسرفون في الاعتداد بها، ولا يكادون يقدرون ما لقي الشيوخ من عناء، وما احتلوا من مشقة، وما ذللوا من عقاب. وهذا الخلاف بين الأجيال طبيعي لا غرابة فيه، ولكنه يوشك في مصر أن يتجاوز الحد الذي ينبغي له؛ فهناك تضامن بين الأجيال يجب أن يرعى، وحقوق للأبناء على الآباء يجب أن تُؤدَّى، والآباء بطبعهم قد قطعوا أكثر الشوط فيجب أن يُعِينوا أبناءهم على أن يخلفوهم فيحسنوا خلافتهم، ويحققوا من الأمر ما لم يجدوا إلى تحقيقه سبيلًا. طه حسين