قلتُ في تعريف الشعر إنه «جرح من أقدم جروح الغيب». لماذا؟ ببساطة وتفسيراً يذكر ابن منظور والفيروز آبادي أنّ «كلَمَ» تعني «جَرَح»؛ إذاً الكلمة جُرْح، وماذا يعني الجرح؟ الجرح يكشف، يفتح اللحم المصمت، يفتح الجسد المقفل، ليُنظر إلى داخله، ويُستخرج دمه أي حقيقته. وهكذا الشعر بالنسبة لكل الأشياء، من أول يوم في التاريخ حتى الآن. أنت تقول القصيدة إذاً أنت تجرح الوجود؛ هذا معنى أن الشعر جرح. «من أقدم الجروح» لأنه قديم جداً؛ بمعنى أنه مرافق للإنسان، الأول. الشعر الأول هو الإنسان الأول. هذا موجود في أدبيات العرب. الطبري وابن الأثير يقولان في تاريخ الشعر أن أول من قال الشعر هو آدم وردّ عليه إبليس. هذه الأدبيات البدائية — وهي ليست حقيقة تاريخية ولكنها دلالة— تقول إن الشعر هو للإنسان الأول؛ هذا معناه «من أقدم جروح الغيب». ولماذا «الغيب»؟ الغيب يبدأ من المستور الذي لا تعرفه، الغائب عنك، وينتهي بالله عز وجل.