بين أيدينا كتاب هو محصّلة زهاء ثلاثين سنة استُغرِقت في جمع مادته والتأليف بينها وعرضها عرضًا مقروءًا مفهومًا لا يكتفي بالقديم كما هو ولا يتلقّف الجديد دون تمييز. وموضوعه الرئيس خِطَط الشام الممتدّ من عَرِيش مصر إلى الفُرات، ومن سفوح طُوروس إلى أقصى البادية، والخِطَط إنما يُراد بها حضارة بلاد الشام وعمرانها وتاريخها ومناحي ثقافتها كافة من مدنية واجتماعية وسياسية، من ما قبل الإسلام حتى القرن العشرين، فلا يُتْرَكُ قطرٌ أو بلدة أو بُلَيدة أو قرية أو مزرعة أو جبل أو بناء أو أثَرٌ إلا ويُتَكلَّم عليه أو يُشار إليه تفصيلًا أو إيجازًا.وفي المجلّدات الستة وقائعُ وكَوَائنُ وطرائفُ ومُلَحٌ وأخبارٌ ودقائقُ مُوَزَّعةٌ تنتقل من فترةٍ إلى أخرى وتحاول أحيانًا تقديم العِبَر أو دراسة الأدواء والعِلَل وما انتهت إليه. ويكاد يمرّ على نشر المجلّد الأول قرنٌ كاملٌ من الزمان، فَهَهُنا نقدّم الكتاب بطبعة جديدة وحلّة قشيبة بعد مراجعته والنظر فيه.