عايش محمد كرد علي دولًا عظيمة: نشأ في عهد الأتراك وتعلم في مدارسهم، فأتقن لغتهم كما أتقن الفرنسية والعربية، ثم رأى الدولة التركية تسقط، والدولة الفرنسية تنتدب على سوريا ولبنان، ويلي هو الأحكام. ثم عاين تقلص ظل الانتداب، وأبصر الاستقلال وما تبعه من انقلابات. وها هو يحدثنا في هذه الكتب الأربعة التي سماها «مذكرات» عن جميع من عرف وخالط من رجال أمر ونهي وأصحاب سلطان. لست أوافق الأستاذ الجليل على عنوان كتابه الضخم؛ فهو جدير باسم أعم من المذكرات؛ لأنه تاريخ حقبة من أغزر الحقب أحداثًا.