"حين وصل إلى الكورنيش، بدأت الأمطار بالتساقط، كانت على هيئة زخات ريشية تهطل بخفة مع الرذاذ المتصاعد من الأمواج، فتحمل الرياح المزيج الحلمي لتصطدم بالجدران المحمية بالرخام الرمادي لمبنى محكمة الشمال، أثناء وقفتها العتيدة في مواجهة الأبيض المتوسط. لم تكن الشمس قد غربتْ بعد، بل بدأت الإشراق مئات المرات ضمن قطرات المطر. بدا له هذا المشهد رائعاً كأنه يستعيد قصص طفولته من فم والده."
_______
يعتمد الكاتب شكري الميدي أجي في روايته (توقف نمو) على الذاكرة المرتبكة في سرده المتردد بين الماضي والحاضر المتواصل. يلتقي الشاب بالمسن الذي عمل لعدة سنوات كعسكري ويروي له تفاصيل مبعثرة عن حياته وعلاقته بالمدينة وأناسها وربما للاعتراف بما اقترفه من أفعال من أجل حماية النظام القائم وسياساته القمعية. الذاكرة المبعثرة تمتزج مع رغبة الشاب لفهم تاريخ وتكوين البلاد وأهلها ومحاولته الحثيثة بالتعبير عن ذاته من خلال رسم لوحات فنية تمتزج فيها أعمال لفنانين من مختلف العصور. تكشف الرواية الحالة الانسانية المتأرجحة بين الخير والشر وتسبر أغواراً مظلمة في النفس نحاول دائماً السيطرة عليها والتي كثيراً ما ننكر وجودها داخلنا. إنها رواية المجتمع الذي يحاول نسيان ذاكرته لكنها تعود في شكل كوابيس تقض حاضره العبثي.