تحقيق أجراه الدكتور فرج الحوار في كتاب مراتع الغزلان لمؤلفه شمس الدين محمد بن حسن النواجي، وهو كتاب ذو طابع موسوعيّ، كما تنصّ على ذلك بنيته، فالقارئ المتأنّي يدرك بيسر، إن كان من المطّلعين على تراث النّواجي الأدبيّ، أنّ هذا الأخير أفرع في كتابه هذا مادّة رسالتيه الموسومتين بـ «خلع العذار في وصف العذار»، و«صحائف الحسنات في وصف الخال، ومقطّعات كثيرة ممّا أورده في كتابه «حلبة الكميت»، كما أورد فيه «مجموعة تسعين مقطوعة من شعره، تبلغ أكثر من مئتي بيت». أمّا بقيّة الأبواب فهي حصيلة اطّلاع المؤلّف وسعة معارفه. ويعتبر كتابه لذلك ديوان الشّعر في العصر المملوكي، ومرجعا مهمّا من «مراجع الشّعر العربي»، فقد تضمّن «بين دفّتيه مقطوعات في وصف الغلمان تكوّن في جملتها أكثر من ألف وخمسمائة بيت لأكثر من خمسمائة شاعر». وللكتاب، إلى جانب كلّ ذلك، قيمة توثيقيّة مهمّة، لما تضمّنه من وصف لكلّ المظاهر الحياتيّة للمجتمع المملوكي، وخاصّة منها ما يتعلّق بتنوّع أعراقه وملله ونحله وطبقاته، ونظم الحكم فيه وما يتعلّق بها من المراتب والأعراف والمرافق السّلطانيّة، إضافة إلى ملبسه، ومأكله، ومشربه، وقيمه الأخلاقيّة والمعيشيّة، وفضائله ورذائله، فهو بهذا الاعتبار مرآة تعكس حضارة ذلك الزّمان في شتّى تجلّياتها.