يعيد أزهر جرجيس في صانع الحلوى تشكيل ملامح شخصيات مسختها الحروب وحولتها إلى كائنات معطوبة تسعى إلى الخلاص ولا تناله، شخصيات تحاول أن تقاوم القمع والقهر والاستغلال، ولكنها كثيرًا ما تنتهي إما فريسة لكوابيس مرعبة وإما مهمشة في بلدان ذات أنظمة اجتماعية وسياسية لا تملك ما يكفي من الأدوات لمساعدتها على التخلص من صدمات الماضي المروع أو فخاخ المنافي. تتناسل هذه القصص من ذاكرة ضحايا الحروب العراقية ودكتاتورية دموية، ولكن جرجيس لا يتوانى عن حياكتها بأسلوب ساخر كثيرًا ما يجبر القارئ على الضحك حينًا والبكاء حينًا آخر تاركًا له حرية التأويل وصياغة أسئلة تسعى جاهدة إلى اختراق أفقٍ يضج بالعويل واللعنات وحكايات يتشابك فيها الواقعي بالسحري.
تمتاز قصص جرجيس بالفانتازيا الملتبسة كثيرًا بالواقع، وهذا لا شك يضمن لها فردانيتها وسط المشهد السردي العربي المعاصر. يستحضر الكاتب في قصصه المفارقة التي يمرّ بها الإنسان العراقي عبر أنماط وشخصيات تتحرك بين فضائين، هما فضاء الوطن وفضاء المنفى، أو المهجر كما يحلو للكثير تسميته. الـ "هنا" المتمثلة بالمنفى الذي يعيشه الكاتب، والـ "هناك" التي تعني الوطن المصاب بحمى العنف المزمن والموت المجاني.