حكايةُ دار تحاصره الحروب، وطن صغير يحيا في زمانٍ موازٍ. إنه بيت السودان الموجود في بغداد، الذي تعيش فيه الفتيات السمراوات ليخففن من أثر الحرب والفقد عن زواره؛ من خلال مجالس الرقص والسمر. ورغم أن هذا البيت يعتبر بقعة يحج إليها عشاق السمر، إلا أنه بيت ترسخت في أرجائه الفضيلة التي غابت عن كل المطارح سواه، فلا بغاء ولا دعارة تمارس داخل هذه الجدران.
بطل حكايتنا هو «علي»، الذي وُلِدَ ليجد نفسه الصبي الأبيض الوحيد داخل بيت السمراوات، كما أنه الذكر الوحيد الذي يغدو الصبي والشاب والرجل الوحيد بين نساء البيت. تبنته وتولت رعايته صاحبة البيت «ياقوت» فأصبحت أُمًا مجازية له، وهي في ذات الوقت عاشقته وحاميته ومحبوبته. إنها امرأة تسربت من كتب الأساطير لتصنع أسطورتها وتقيم مملكتها في زمن الدمار. ياقوت هنا بمثابة وطن يبذل كل ما يملك دفاعًا عن شعبه، وشعب ياقوت هم عليّ والفتيات الذين التقطهم من على جروف الهاوية وأتت بهم للدار أطفالًا لترعاهم.
شخصيّات كثيرة تدخل الرواية، وتخرج منها، فنعثر على حكايات متولّدة من حكايات لا تنتهي. أما «عفاف»، فهي فتاة يسارية ثورية تنخرط في انتفاضة الشعب ضد صدام حسين في عام 91، بينما «عليّ» حائر ما بين نقيضين يتصارعان في دواخله، يتأرجح عقله ما بين الجنوح إلى ضجيج الانتفاضة، والالتجاء إلى سكون الأمان والاستسلام؛ ما بين عشقه المضطرد لعفاف، وعاطفته المحرمة تجاه ياقوت.
«بيت السودان» رواية اجتماعية سياسية للكاتب العراقي «محمد حيّاوي». إنها رواية تتمحور حول المكان ورمزيته، ولكنها أيضًا تطلعنا على خبايا البشر من قاطنيه وقاطني العراق المنكوب؛ بحيث تلتقط صورة واضحة للمشهد العراقي وقت الدمار والحرب في انتفاضة 1991 وحرب الخليج.
استمع الآن.