إن الجبال والأشجار والأنهار تتبدل هيئاتها ومظاهرها بتقلُّب الحالات والأزمنة، مثلما تتغير ملامح وجه الإنسان بتغيُّر أفكاره وعواطفه؛ فشجرة الحور، التي تتعالى في النهار كعروس جميلة يلاعب النسيم أثوابها تظهر في المساء كعمود دخان يتصاعد نحو اللاشيء، والصخر الكبير، الذي يجلس عند الظهيرة كجبّار قوي يهزأ بعاديات الزمن يبدو في الليل كفقير بائس يفترش الثرى ويلتحف الفضاء. والساقية التي نراها عند الصباح متلمعة كَذَوْب اللُّجَيْن ونسمعها مترنمة بأغنية الخلود، نخالها في المساء مجرى دموع يتفجر من بين أضلع الوادي، ونسمعها تندب وتنوح كالثكلى. ولبنان الذي