تحتوي مقدمة أحمد أمين لدراسته على سؤال محوري هو هل أن أوروبا الحالية هي نتيجة تطورها العلمي والتاريخي أم أن هذا التطور نتج عنها وعن طبيعتها وظروفها. وواضح أن سؤال أحمد أمين لم يأت من عدم، فثمة نظرية في حينه كان تردّ التطور الاقتصادي والسياسي لأوروبا إلى طبيعتها الجغرافية والمناخية: البرد والتشكيل الجغرافي الذي يفرض داخلية شديدة على المناطق ويمنع اتصالها. بادئ بدء يعالج أحمد أمين مصطلحي الشرق والغرب ويرى أنهما عامان والتفريق الحدي بينهما لا معنى له، وينتهي إلى القول إن الجغرافية لا تشكل فارقاً حاسماً بينهما وإن المدنية الحديثة الغربية ليست أعلى المدنيات، ففيها عيوب شائنة ورغم قيامها على العلم إلا أن الفقر الأخلاقي ماثل فيها، ومن شوائبها أنها تخص نفسها بأشياء تحرّمها على غيرها.